لماذا أعيش في السعودية؟
في كل مكان، وكل محفل أذهب إليه، كان آخره الأسبوع الفائت في ملتقى الفجيرة الإعلامي، بحضور عدد كبير من مثقفات ومثقفي الوطن العربي، يسألني الناس لماذا لا تعيشين خارج السعودية أسوة بالأعداد الكبيرة المهاجرة من السعوديين وعلى رأسهم أهل الإعلام؟ فأرد باختصار: (لا أستطيع أن أعيش خارج السعودية). برغم أن طبيعة عملي في كتابة المقال من المنزل وعدم ارتباطي بعمل مكتبي يؤهلني للعيش خارج السعودية.
لكنني بصدق أقولها، لا يمكن أن أعيش في الخارج لأنني ولدت وسأموت على تراب السعودية، ولن أقبل أن أدفن إلا تحت ثرى ترابها.
قد يكون في هذا الكلام شيء شخصي لكنني أكتبه اليوم رداً على عشرات الأسئلة التي تصلني كل يوم سواء من القراء والمتابعين أو من زملاء الحرف من العالم العربي ممن يعتقدون أنك طالما تكتب بجرأة فهذا يعني أنك تعيش خارج السعودية، وهذه فكرة غير صحيحة وأحاول تصحيحها في كل محفل أزوره أو في أي حديث قد يرد في مثل هذا الكلام.
ليست المرة الأولى اليوم التي أُعبر فيها عن حالة العشق التي أعيشها مع الرياض، فقد كتبت عن هذه الحالة في رواية «كذبة إبريل» ولعلي في هذا الوارد أذكر منها ما كتبت في أحد فصول الرواية: «في نجد لا يستطيع العيش إلا صاحب فراسة وتنبؤ بالأمطار والغبار، ووقت الصيد فكلاهما لا يمكن تخيل ما قد ستحدثان، من عجائبها أنها تقرّر متى وقت الرحيل ولكن سكانها لا يرتحلون عنها أبداً، يرحلون من جفافها لربيعها، منها وإليها..
لا يرضون بغيرها أرض ولا بغير ليلها ليل.. كنت أشك وحتى الآن أجزم أن سماء نجد لها وحدة تعيش في مجرة مختلفة وحتى الآن لا أجزم أن سماء نجد لها وحدها.
غريب أمر أهلها تقسو عليهم فيحنون أكثر، تطردهم بالسيل ويهربون.. يعودون لنفس المكان بعد حين، ولذلك أصبح سكانها متقلبين.. تعلموا القسوة والتقلبات منها». أكتفي بهذا المقطع، ولعل من يقرأ «كذبة إبريل» يجد فيها مزيداً من حالة العشق التي لن تنتهي بيني وبين الرياض.
نقلا عن الجزيرة